Archives par étiquette : Humanités

إنسانيّات تونس 2022. انطباعات نهاية الملتقى

Ce texte, également disponible en français, a été publié dans le volume des Conférences inaugurales, coordonné par Raja Fenniche, Centre de publication universitaire, Université de La Manouba. Nous remercions l’éditeur pour ce partage

كانت الأيّام الخمس المنقضية زاخرة بدروس وبراهين حيّة حول صحّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في منطقتنا. انطلاقا من مكان تنظيمه بتونس، أطلق المنتدى مجموعة من الرّسائل التي أودّ بيانها. يمكن أن ألخّص هذه الرّسائل في ثلاث نقاط هي مواصلة لنقاشات جدليّة حكمت التّنظيم وانعكست نتائجها على قواعد العمل وعلى التّوليفات التي تمّ اختيارها.

لم يكن كلّ شيء على أحسن ما يرام. إلاّ أنّنا صنعنا معا بالوسائل المتاحة طيلة فترة التنظيم، مع وجود إكراهات، واختلافات وإمكانيّات محدودة، لقاءا حول العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في المغرب الكبير والمشرق وخارجهما، يقدّم مكتسبات كلّ المجالات، ويعبّر عن الحاجيات والطّموحات، ويبرز النّقائص وضروب التّفاوت، ويكشف عن الإخلالات والمفارقات، ويشير إلى بعض بوارق الأمل.

إنّنا ننتج علوما إنسانيّة في بلدان المغرب الكبير

أولى الرّسائل هي أنّ المغرب الكبير ليس مساحة اختصاص وميدان بحث وفضاء اختبار لفرضيّات “نظريّة”فحسب. المغرب الكبير هو كذلك مجال عمل علميّ، ومجموعة من الفضاءات التي تقدَّم فيها المعارف، وتولد فيها الأفكار، وتمارس فيها أنشطة البحث. في المغرب الكبير جامعات عموميّة وخاصّة ومخابر ومعاهد تصنع المعارف الإنسانيّة الموجّهة أساسا إلى بلدانه. دروس وندوات وملتقيات ومجلّات ومؤلّفات تصنع مادّة معرفيّة بالعربيّة والفرنسيّة أساسا، غير محفوظة كما ينبغي، وغير موزّعة بما فيه الكفاية ولا تكاد تكون متاحة في بلداننا وخارجها. فمن يصنعون ويصنعن المعرفة يتنقّلون بلا شروط. وعندما ينجح مدرّسون/ات وباحثون/ات وطلبة/ات في الطّيران إلى آفاق أكثر جاذبيّة، قلّ وندر أن يعودوا إلى الأرض التي تعلّموا فيها والمحلّ الذي تدرّبوا فيه.

إذا نظرنا إلى العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في تونس، وجدناها متأرجحة بين حاجيات الكونيّة ومخاطر العولمة. هذه العولمة تؤثر على ديناميكيّات الجامعيّة البعيدة عن شبكات التّبادل الكبرى والمفتقرة إلى إمكانيّات تطوير التّبادل على عين المكان. والأدبيّات تمثّل مرآة دالّة على التّفاوت الذي ينعكس على المستوى المعرفيّ مؤكّدا التّأثير العالميّ للتّمركز. طلبتنا يذكرون المراجع المحلّيّة في رسائلهم وأطروحاتهم. وعندما ينتدبون/ينتدبن في الجامعات الأوروبّيّة، فإنّهم/هنّ ينتقلون/ن إلى الشّواهد المرموقة في بيئة التّكوين الجديدة. فالجهاز النقدي إعلان مشفّر عن الانتداب الجامعيّ المرجوّ.

لغات العلوم الإنسانيّة

هذا العرض للملامح العامّة يؤدّي بنا إلى طرح تساؤل : ما هو المتاح أمام مجموعات الباحثين في وضع عامّ لا “يلتقط” من المعارف سوى منتدبين جددا يتمّ إدماجهم في منظومة التّنافس العالميّ ؟ رغم وجود قواعد للبيانات الرّقميّة، تظلّ الأبحاث المحلّيّة غير مستثمرة لأنّها لا تمكّن من شقّ الطّريق إلى السّوق المعولمة للتّشغيل الأكاديميّ، بما يتلاءم مع منطق الإعداد الالكترونيّ للمراجع.

ويتأكّد الانحدار بالممارسات اللّغويّة التي تجعل الأشخاص والمسارات متماثلة. فالانكليزيّة، اللّغة “العالميّة” للتّواصل العلميّ،تساهم في طمس التّعقيدات المحلّيّة. وفي الحالة التّونسيّة، تؤدّي المقاربة العاطفيّة للغة العربيّة إلى تقسيم المجموعة الأكاديميّة، بدل الإعلاء من شأن هذه اللّغة باعتبارها معينا من الإبداع والمفهمة المختلفة، يفيض بالدّقائق واللّطائف. وفي الواقع، يمكن أن يمثّل الثّالوث الفاعل (مع وجود الفرنسيّة محاصرة بين لغتين قويّتين) توازنا خصبا ومتنوّعا بحسب صنوف التّكوين والمسارات. إنّ بيئاتنا مكوّنة من طبقات متعدّدة اللّغات، جديرة باهتمام العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة النّاشئة وقادرة على تغذية انعكاسيّتها الضّروريّة. أليس بإمكان المعارف حول المجتمعات أن تكون في الوقت نفسه محلّيّة ودوليّة؟

الرّقمنة باعتبارها مخرجا

أستقي النّقطة الثّالثة من الانطباعات المرتسمة عن ورشات الإنسانيّات الرّقميّة التي حضرتها. إنّ التّقنيات الجديدة تفتح أبواب أشكال مختلفة من الاستخدام في الفنون والآداب والمعارف، من شأنها أن توسّع ميادين البحث وتعدّد سياقات الدّراسة. إنّ وسائل ومناهج التّدريس والبحث تتغيّر وتضعنا على عتبة علاقات أخرى مع عمليّات وهي التّقييم وإكساب الشّرعيّة العلميّة. والأنترنت، شأنها في ذلك شأن المعرفة المتحوّلة، تساهم في فرقعة مراكز المعرفة، وفي توسيع مواقعا لتّثبّت والمصادقة على أنماط الملاحظة والمقاربة. وتقوم البيداغوجيا والنّشر والاتّصال بتفحّص الصّيغ، وتمزج مكتسبات متأتّية من تقاليد مختلفة وتجدّد طرق مساءلتها لمحتويات “الآداب” التي تتوفّر للمجتمعات ومناقلتها للرّوافد والمهارات المحلّيّة.ورغم أنّ دوائرنا العلميّة في وضع تبعيّة، فإنّ أمامها الكثير من التّحدّيات والأعمال : التّقدّم في معرفة الواقع المباشر وتنظيمه بجعل الممارسات التّوثيقيّة والبيداغوجيّة متلائمة مع المحامل الجديدة. إنّ الطّفرات التّكنولوجيّة والطّموحات السّياسيّة تدعونا إلى تغيير علاقاتنا بالمؤسّسات وإلى فتح الفضاءات الثّقافيّة أمام التّفاعلات القريبة التي تظلّ في حوار مع المعايير الدّوليّة وتوفّر في الوقت نفسه آفاقا للامتداد والتّلاؤم مع ميادين مختلفة.

وأختم بملاحظة بسيطة أردّ بها على المشاركين/ات الذين انتقدوا حجم الملتقى وتشتّت أنشطته بين المركّب الجامعيّ بمنّوبة ومدينة الثّقافة. لقد أردنا أن نجرّب التّقريب بين الجامعة وفضاء عامّ بالمدينة، وأن نختبر إخراج الخطاب العلميّ من جدران الأكاديميّة، وأردنا أن نلاقي بين الثّقافات والمعارف (التي شملت المعارف الصّلبة وإن باحتشام)، وان نمزج بين أجيال مختلفة من الباحثين المنتمين إلى تقاليد علميّة متنوّعة، وأن نتجاوز الحدود اللّغويّة لكلّ واحد/ة. وهكذا اجتمعنا زملاء وزميلات من آفاق مختلفة لنجرّب معا وضع تصوّر مشترك لصيغ عمل جديدة، ولنمتحن مسالك تجسّد رغبة مشتركة في الخروج عن الأساليب القديمة في العمل.

ونقول لمن عبّروا وعبّرن عن حيرتهم/هنّ أمام الكمّ الهائل من الورشات، وأسفهنّ على التّفريط في حضور بعض المداخلات :اعلموا/ن أنّ رغبتنا تمثّلت في أن نقدّم لكم/كنّ مأدبة كبيرة مفتوحة أمام الاختيارات والاقتسامات الحرّة، لا مطعما ذا لائحة طعام محدّدة سلفا. نتمنّى أن تكونوا قد غادرتم هذه الوليمة للعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بطاقة وبإلهام يمكّنان من تنظيم منتدى إنسانيّات 2025 أو 2026 وبشاهية كافية لتطوير رغبتنا في العمل الجماعيّ، مع تجريب وصفات أخرى، قصد بناء فضاء جديد للتّبادل في مجال العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بالمغرب الكبير، يكون مفتوحا ومرحا ومتعدّد اللّغات والمعارف.

قمر بندانة

جامعة منّوبة، 24 سبتمبر 2022،

تمّت مراجعته في ماي 2023.

تعريب رجاء بن سلامة

Insaniyyat Tunis 2022 : impressions de fin de fête

Billet mis en ligne sur le carnet “Hypothèses” de l’IRMC le11/09/2023.

Les cinq jours qui s’achèvent ont été jalonnés de leçons et de démonstrations in vivo sur la santé des sciences humaines et sociales. Campé en Tunisie, le forum Insaniyyat a émis des messages que je souhaite expliciter. Je les résumerai en trois points prolongeant les discussions contradictoires qui ont structuré l’organisation et dont les conclusions ont été transposées dans les formules de travail et combinaisons choisies.

Tout n’a pas fonctionné à merveille. Nous aurons cependant bricolé ensemble, sur la durée, avec des contraintes, des divergences et des moyens limités, une rencontre autour des sciences humaines et sociales au Maghreb, au Machrek et ailleurs, qui rend compte des acquis selon les domaines, exprime des besoins et des aspirations, fait apparaître des manques et des décalages, révèle des déficits et des paradoxes, pointe quelques lueurs.

Au Maghreb, on fabrique des SHS

Le premier message est que le Maghreb n’est pas seulement une aire de spécialité, un terrain de recherche ou un espace de validation de propositions « théoriques ». Le Maghreb est aussi un territoire de travail scientifique, un ensemble de lieux où on dispense des savoirs, où naissent des idées, où s’exercent des activités de recherche. Universités publiques et privées, laboratoires, instituts y fabriquent des connaissances humanistes, essentiellement tournées vers le Maghreb. Cours, séminaires, colloques, revues, ouvrages fabriquent une matière, en arabe et en français principalement, mal consignée, peu diffusée et à peine accessible dans nos pays comme à l’extérieur. Ceux et celles qui fabriquent et transmettent le savoir circulent sous condition. Quand enseignant·es·, chercheur·e·s ou étudiant·es· parviennent à s’envoler vers des cieux plus attractifs, ils/elles sont rarement tenté·e·s de revenir vers les sols de leurs initiations et les terroirs de leurs apprentissages.

Vues de Tunisie, les sciences humaines et sociales sont écartelées entre le besoin d’internationalisation et les menaces de la mondialisation. Celle-ci affecte les dynamiques universitaires éloignées des grands circuits de l’échange et sans moyens de les fructifier sur place. Les bibliographies sont un des miroirs d’une dissymétrie qui se répercute sur le plan cognitif, accentuant l’effet mondial de concentration. Nos étudiant·e·s citent les références locales dans leurs masters ou thèses. Recruté·e·s dans les universités européennes, ils/elles passent aux citations de mise dans le nouvel environnement de formation. L’appareillage critique est une déclaration codée visant un futur recrutement universitaire.

Les langues des SHS

Ce tableau en surplomb mène à une interrogation : que peuvent les communautés scientifiques dans une situation globale qui ne « capte » des savoirs que des recrues à intégrer dans un système de concurrence internationale ? Malgré les bases de données digitales, les travaux du crû ne sont pas exploités car cela ne fait arriver nulle part, dans le marché mondialisé de l’emploi académique, conformément aux logiques du référencement.

La pente est sous-tendue par les usages linguistiques qui uniformisent les profils et les carrières. L’anglais, langue « internationale » de communication scientifique participe à lisser les complexités locales. Dans le cas tunisien, la langue arabe, appréhendée de façon passionnelle, contribue à diviser la communauté universitaire au lieu d’être valorisée comme une ressource de créativité et de conceptualisation nourrissant subtilité et nuance. Or, le triangle linguistique actif (avec le français comprimé entre deux tendances fortes) pourrait constituer un équilibre fécond, variable selon les formations et les cursus. Nos réalités reposent sur des épaisseurs mentales plurilingues dignes d’attention pour les sciences humaines et sociales en train de se faire et capables de nourrir leur nécessaire réflexivité. Les savoirs sur les sociétés ne pourraient-ils pas être à la fois locaux et internationaux ?

Le numérique comme issue

J’extrais le troisième point d’impressions tirées des ateliers d’humanités numériques auxquels j’ai assisté. Les nouvelles technologies ouvrent sur des formes d’exploitation des arts, des lettres et des savoirs qui élargissent les terrains et multiplient les contextes d’étude. Les moyens et les méthodes d’enseignement et de recherche se transforment, nous mettant au seuil d’autres rapports aux opérations et aux instances d’évaluation et de légitimation scientifiques. Internet, tout comme la science en mutation, contribuent à faire éclater les foyers de savoir, à étendre les lieux de vérification et de validation des modes d’observation et des approches. Les possibilités de croiser disciplines et savoirs en ciblant des applications s’en trouvent démultipliées. La pédagogie, l’édition et la communication scientifiques testent des formats, mélangent les acquis de différentes traditions, renouvellent les voies pour questionner les contenus des « littératures » dont disposent les sociétés et pour transmettre les apports des savoir-faire locaux. Malgré leurs situations satellitaires, nos sphères scientifiques ont du pain sur la planche : mieux connaître et organiser le réel immédiat, en adaptant les pratiques documentaires et pédagogiques aux nouveaux supports. Mutations technologiques et aspirations politiques invitent à changer nos relations aux institutions et à ouvrir les espaces scientifiques à des interactions de proximité qui restent en dialogue avec les normes internationales tout en offrant des perspectives d’extension et de conversion à de multiples terrains.

Je terminerai sur une note triviale en réponse aux participant·e·s qui ont critiqué les dimensions de la rencontre et la dispersion des activités, notamment entre le Campus de La Manouba et la Cité de la Culture. Notre souhait était d’expérimenter un rapprochement entre l’Université et un lieu public en ville, de sortir le discours scientifique des murs de l’académie, de croiser cultures et savoirs (sciences « dures » timidement comprises), de mélanger les générations de chercheurs appartenant à diverses traditions scientifiques, d’outrepasser les barrières linguistiques de chacun·e. Entre collègues de divers horizons, nous aurons au moins joué ensemble à concevoir des formats de travail et à tester des tournures qui matérialisent une envie commune de sortir des anciennes manières de faire.

A ceux et à celles qui nous ont dit leur embarras face à l’éventail des ateliers, ou leur regret d’avoir raté des interventions, sachez que notre désir -un peu démesuré- était de vous offrir un grand buffet ouvert à des choix et des partages libres plutôt qu’un restaurant à la carte, avec des menus fixés d’avance. J’espère que vous aurez quitté ce banquet des sciences humaines et sociales avec l’énergie et l’inspiration qui amèneront à organiser -en 2025 ou 2026- un forum Insaniyyat, avec suffisamment d’appétit pour développer notre envie de travailler ensemble, en testant d’autres recettes, l’objectif de construire un nouvel espace d’échanges SHS au Maghreb, ouvert, plurilingue, multidisciplinaire et joyeux.

Université de La Manouba, septembre 2022